غوغل" ليست كبيرة على الشهادات الجامعية، على الرغم من أن عملاق البحث يتقدم إليه عدد كبير من أصحاب معدلات التخرج المثالية من مدارس إيفي ليج. وقد طرح رئيس مجلس إدارة "غوغل" ومسؤول التوظيف لازلو بوك عدداً من الرؤى في صحيفة "نيويورك تايمز" حول طريق الفرز التي يتبعها بين عدد من المتقدمين اللامعين. والنتيجة، كما يقول غريغوري فيرينشتاين في موقع "فينتشر بيت دوت كوم"، هي أن "غوغل" تقوم بتقييم المهارات والخبرات التي امتلكها المرشحون في المرحلة الجامعية، إلا أن الشهادة العلمية لا تعطي فكرة كافية عن الموهبة أو المثابرة. أنت لست بحاجة إلى شهادة جامعية لكي تكون موهوباً يقول بوك: "حين تنظر إلى أناس لا يرتادون المدارس ومع ذلك يشقون طريقهم في الحياة، فإن هؤلاء الناس أشخاص استثنائيون، وعلينا أن نفعل كلما بوسعنا للعثور على هؤلاء الأشخاص". تطلب الكثير من الشركات شهادات جامعية، وفي "غوغل"، حتى كلمة "كلية" ليست دليلاً رسمياً للتوظيف، فمع ظهور المقررات الجامعية والتعلم المهني الذاتيين، يستطيع الكثير من الأشخاص المدفوعين ذاتياً أن يعلموا أنفسهم كل المهارات الضرورية للعمل في الشركة. أظهر المهارة، وليس الخبرة يقول بوك: "إن أخذت أحداً ما يمتلك قدرات معرفية عالية، فضولي بالفطرة، يرغب بالتعلم ولديه ما يمكن البناء عليه من المهارات القيادية، وتقوم بتوظيفه كموظف موارد بشرية أو موظف مالي، ولم يكن يمتلك أية معرفة تتعلق بالاختصاص أو المحتوى، وقمت بمقارنته مع شخص آخر اعتاد أن يقوم بعمل واحد فقط وهو خبير عالمي، فإن الخبير سوف يرحل، لقد رأيت هذا الأمر عشرات المرات من قبل، وهذا ما عليك القيام به في كل مرة". الشهادات الجامعية، هي بحكم التعريف تقريباً، شهادة بالاختصاص أو بالخبرة، فالشهادة في مجال الصحافة عبارة عن شارة كبيرة يراد بها القول للعالم بأنك تعلم أقل ما يمكن عن مهنة سرد القصص وإجراء المقابلات مع الناس. إلا أن الشهادة في الحقيقة لا توضح ما يمكن للمتخرجين أن يقوموا به، هل بإمكانهم عرض فكرة ما أمام حشد من الناس؟ هل يمكنهم إنشاء موقع ويب على الإنترنت؟ هل يمكنهم التفكير بالمشاكل بشكل مثير للاهتمام، أو أنهم تمكنوا فقط من اجتياز بعض الاختبارات بنجاح؟ المنطق يتم تعلمه، والإحصائيات فائقة الأهمية يقول بوك: "البشر مخلوقات مبدعة بطبيعتها، لكنهم مخلوقات غير منطقية، وغير منظمة التفكير بطبيعتها، فهذه الصفات عبارة عن مهارات عليك أن تتعلمها". وأضاف "لقد درست الإحصاء في مدرسة إدارة الأعمال، وقد شكلت تحولاً في مسيرتي المهنية، فالتدريب التحليلي يكسبك مجموعة من المهارات التي تميزك عن معظم الناس في سوق العمل". التفكير المنطقي يذهب إلى ما هو أبعد من البرمجة، على سبيل المثال، بالعودة إلى 2010، طرحت "فيسبوك" إعلان مدونة تدعي فيه أن المرشحين السياسيين الذين يمتلكون عدداً أكبر من المعجبين هم الأوفر حظاً للفوز في المنافسة، ملمحين بذلك إلى أن الحصول على معجبين أكثر في "فيسبوك" سيحسّن من فرصهم، من الواضح أنها كانت حجة واهية بشكل غريب. ربما صادف بالفعل أن المرشحين الأكثر شعبية في الواقع يمتلكون عدداً أكبر من المعجبين، ولكن ماذا عن المرشحين مع عدد أقل من المعجبين والذين ربحوا سباقهم الانتخابي؟ في هذه الحالات، لماذا لم يكن لعدد المعجبين أهمية؟ موظفو "فيسبوك" الذين أجروا الإحصائيات فهموا بعضاً من أساسيات المنطق، إلا أنهم لم يظهروا قدرات تحليلية في التفكير، فالتمحيص ضمن المعطيات يتطلب التدريب على أحدث التقنيات لفهم العلاقة السببية واستكشاف القوالب والأنماط بشكل إبداعي (لمعلوماتك: أجادت فيسبوك العمل بشكل أفضل فيما يتعلق بهذه الأنماط من الادعاءات السياسية منذ 2010). برهن على المثابرة يقول "إريك شميت" رئيس مجلس إدارة "غوغل": "يبدو أن الأمر الذي يميز الطلاب المؤهلين عن الطلاب الناجحين منهم بشكل كبير هو ليس معرفتهم بحد ذاتها، بل مثابرتهم على شيء ما". بالنسبة لعدد من الناس، تعتبر الكلية سهلة المراس حقاً، بإمكانهم إضاعة الوقت حتى الساعة 4 فجراً، ومع ذلك يتفوقون في امتحان الكيمياء العضوية في اليوم التالي، في حين يقضي رفاق الغرفة الدراسية ليلتهم منشغلين بقراءة بطاقات "الفلاش" ذات الرموز الملونة ليجتازوا الامتحان نفسه بصعوبة وبتقدير متوسط. لا يمكن للشهادة الجامعية أن تقول لـ"غوغل" ما إذا كان المتقدم ذكياً بالفطرة، أم عاملاً مجتهداً، ويبدو جلياً أن "غوغل" ستفضل شخصاً يتميز بالمثابرة على آخر مستوى إنجازه مرتفع ولكنه متكاسل. إذا ذهبت إلى الكلية، ركز على المهارات يقول بوك: "اعتقادي هو أنه ليس على المرء ألا يرتاد الكلية، ولكن الغالبية لا يمتلكون فكرة كافية عن سبب ذهابهم، وما الذي يريدون اكتسابه منها". بوك وشميت يصرّان على أن معظم الناس يجب أن يرتادوا الجامعة، إلا أن المهارات والخبرات أكثر أهمية من شهادة الاختصاص، حيث يقول بوك: "إن غوغل تتطلع إلى أنواع المشاريع التي أنجزها المرشحون أو ما حققوه خلال فترة التدريب". بصراحة أنا لا أتذكر آخر مرة سألني فيها أحد عن تخصصي في الكلية، إن أردت الحصول على وظيفة في "غوغل" (أو في شركة مرموقة أخرى)، لا تركز كثيراً على اختصاصك الأساسي، واحرص على أن تتخرج ممتلكاً كل المهارات والخبرات التي تحتاجها للقيام بأشياء مذهلة في العالم.